يعتبر التعاون الدولي ضرورة لمكافحة الجريمة المنظمة وذلك للطبيعة الخاصة لهذه الجريمة التي لا تقتصر آثارها على دولة واحدة ، بل تصل عدة دول ويصعب أو يستحيل على بعض الدول مكافحتها لوحدها.
فالجريمة المنظمة قد يتم التخطيط لها في بلد ما ويتم تنفيذها في بلد أخر وتمتد آثارها إلى دول أو عدة دول ، ويتم غسل الأموال المتحصلة من هذه الجريمة في بلد رابع ، وهذا ما يظهر لنا أهمية التعاون الدولي لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية.
إذاً التعاون الدولي شرط أساسي لمكافحة الجريمة المنظمة وهو ماسنتناوله في هذا المبحث حيث سنتناول الجهود الدولية في مكافحة الجريمة المنظمة في المطلب الأول ومن ثم سوف نتناول التعاون الأمني ودور الأنتربول في مكافحة الجريمة المنظمة في مطلب ثاني .
المطلب الأول
الجهود الدولية في مكافحة الجريمة المنظمة
يتخذ التعاون الدولي في مكافحته الجريمة المنظمة عدة أشكال ومن أهمها الاتفاقيات الدولية حيث أنه في مجال الاتفاقيات الدولية كان التعاون الدولي في مواجهة الجريمة المنظمة في السابق يعتمد على مواجهة كل جريمة على حدة ومن أمثلة ذلك : الاتفاقيات الدولية الخاصة بالمخدرات ، والاتفاقات الخاصة بمكافحة الاتجار بالأشخاص والاتفاقيات الخاصة بمكافحة تزييف الأموال ، ولكن بعد تنامي خطر جماعات الجريمة المنظمة وزيادة نشاطها أصبح المجتمع الدولي يتعامل معها كجريمة واحدة وهو مادلت عليه عدة مؤتمرات واتفاقيات كان آخرها اتفاقيه مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية في باليرمو سنة 2000م.
والتعاون الدولي في هذا المجال يكون بالانضمام إلى الاتفاقيات الدولية المتعلقة بهذه الجريمة ، واستحداث اتفاقيات جديدة متعددة الأطراف أو ثنائية تجرم الأنشطة المتجددة التي تمارسها عصابات الجريمة المنظمة .
كما أن هناك شكلاً آخر من التعاون الدولي في مكافحته الجريمة المنظمة والمتعلق بالنصوص التشريعية ، حيث تقوم عصابات الجريمة المنظمة باستغلال الاختلاف في النصوص التشريعية بين الدول فتمارس أنشطتها في الدول التي لاتجرم هذه الأفعال أو التي تكون فيها العقوبة أقل لذلك ينبغي أن يكون هناك تعاون دولي في مجال النصوص التشريعية بحيث يتم وضع تعريفات مشتركة للجرائم المتجددة التي ترتكبها عصابات الجريمة المنظمة ووضع نصوص عقابية للفاعلين الأصليين والشركاء بحيث لا يفلت منها أحد.
و قد نصت على هذا النوع من التعاون عدة مواد من اتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية كالمادة (18) والخاصة بالمساعدة القانونية المتبادلة والتي تدعو الدول الأطراف إلى أن تقدم كل منها للأخرى أكبر قدر ممكن من المساعدة القانونية والقضائية ,والمادتين (26،27) واللتين تدعوان إلى وضع تدابير تعزز من التعاون مع أجهزة القانون في مجال اتخاذ القانون.
كما يعتبر من أوجه التعاون الدولي دراسة الجريمة المنظمة وتوجهاتها ووضع خطط مشتركة لمواجهتها.
وقد قامت دولة الكويت بالتصديق على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية والبروتوكولين الملحقين بها وهما البروتوكول الخاص بمنع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص ، وبروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو ، وصدر بموجبها القانون رقم(5) لسنه 2006م في 27 مارس،
لتصبح أحكام ومواد هذه الاتفاقية والبروتوكولان المشار إليهما قانونا واجب التطبيق في دولة الكويت وقد عبرت دولة الكويت عن سعادتها بالمصادقة على هذه الاتفاقية والبروتوكولين الملحقين بها ، جاء ذلك على لسان رئيس الوفد الكويتي المستشار المحامي العام الأول محمد الزعبي في كلمته أمام مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية والذي انعقد في فيينا والذي قال فيه يجب علينا ألا نقصر في بذل كل الجهد وابتداع الوسائل التي تكفل تنفيذ الاتفاقية وتعزيز التعاون بين دولنا لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية بمزيد من الفاعلية وأضاف أن مسؤولية مكافحة الجريمة المنظمة تقع على عاتق جميع الدول ، الأمر الذي يجعل من التعاون الدولي لمنعها ومكافحتها امراً ضروريا وما يترتب على ذلك التعاون من توفير المساعدة التقنية التي حتما ستؤدي إلى تعزيز قدرة الدول على مكافحة الجريمة بآلية فعالة ، وكشف أن دولة الكويت تعكف في إطار مجلس التعاون الخليجي على إعداد مشروع قانون لمكافحة الاتجار بالأشخاص.