تروك الإحرام
قلنا فيما سبق: إنّ الإحرام لا ينعقد من دون التلبية أو ما بحكمها وإن حصلت نيّته، وإذا أحرم المكلّف حرمت عليه أُمور، وهي خمسة وعشرون كما يلي:
( 1 ) الصيد البرّي.
( 2 ) مجامعة النساء.
( 3 ) تقبيل النساء.
( 4 ) لمس المرأة.
( 5 ) النظر إلى المرأة وملاعبتها.
( 6 ) الاستمناء.
( 7 ) عقد النكاح.
( 8 ) استعمال الطيب.
( 9 ) لبس المخيط أو ما بحكمه للرجل.
( 10 ) التكحّل.
( 11 ) النظر في المرآة.
( 12 ) لبس الخفّ والجورب للرجال.
( 13 ) الفسوق.
( 14 ) المجادلة.
( 15 ) قتل هوام الجسد.
( 16 ) التزيّن.
( 17 ) الادّهان.
( 18 ) إزالة الشعر من البدن.
(19) ستر الرأس للرجال، وهكذا الارتماس في الماء حتى على النساء.
(20) ستر الوجه للنساء.
( 21 ) التظليل للرجال.
( 22 ) إخراج الدم من البدن.
( 23 ) التقليم.
( 24 ) قلع الضرس على قول.
(25) حمل السلاح.
1 - الصيد البرّي
مسألة 199: لا يجوز للمحرم استحلال شيء من صيد البرّ، سواء في ذلك اصطياده وقتله وجرحه وكسر عضو منه، بل ومطلق إيذائه، كما لا يجوز ذلك للمحل في الحرم أيضاً، والمراد بالصيد الحيوان الممتنع بالطبع وإن تأهل لعارض، ولا فرق فيه بين أن يكون محلل الأكل أم لا على الأظهر.
مسألة 200: تحرم على المحرم إعانة غيره - محلاً كان أو محرماً - على صيد الحيوان البري، حتى بمثل الإشارة إليه، بل الأحوط وجوباً عدم إعانته في مطلق ما يحرم على المحرم استحلاله من الصيد.
مسألة: 201: لا يجوز للمحرم إمساك الصيد البري والاحتفاظ به (1)، سواء اصطاده هو - ولو قبل إحرامه - أم غيره في الحل أم في الحرم.
مسألة 202: لا يجوز للمحرم أكل شيء من الصيد (2) وإن كان قد اصطاده المُحلّ في الحلّ، كما يحرّم على المُحلّ -على الأحوط وجوباً - ما اصطاده المحرم في الحل فقتله بالاصطياد أو ذبحه بعد اصطياده، وكذلك يحرم على المُحلّ ما اصطاده أو ذبحه المحرم أو المٌحلّ في الحرم.
مسألة 203: يثبت لفرخ الصيد البري حكم نفسه، وأما بيضه فلا يبعد حرمة أخذه وكسره وأكله على المحرم، والأحوط وجوباً أن لا يعين غيره على ذلك أيضاً.
مسألة 204: الأحكام المتقدمة - كما ذكرنا - إنما تختص بصيد البر، ومنه الجراد، وأما صيد البحر فلا بأس به، والمراد بصيد البحر ما يعيش في الماء فقط كالسمك، وأما ما يعيش في الماء وخارجه فملحق بالبرّي، ولا بأس بصيد ما يشك في كونه بريّاً على الأظهر.
مسألة 205: كما يحرم على المحرم صيد البر كذلك يحرم عليه قتل شيء من الدواب وإن لم يكن من الصيد، ويستثنى من ذلك موارد:
1 - الحيوانات الأهلية - وإن توحشت- كالغنم والبقر والإبل، وما لا يستقل بالطيران من الطيور كالدجاج حتى الدجاج الحبشي (الغرغر)، فإنه يجوز له ذبحها، كما لا بأس بذبح ما يشك في كونه أهلياً.
2 - ما خشيه المحرم على نفسه أو أراده من السباع والحيّات وغيرهما، فإنه يجوز له قتله.
3 - سباع الطيور إذا آذت حمام الحرم، فيجوز قتلها أيضاً.
4 - الأفعى والأسود الغدر وكل حيّة سوء والعقرب والفأرة، فإنه يجوز قتلها مطلقاً (3).
ولا كفّارة في قتل شيء مما ذكر، كما لا كفّارة في قتل السباع مطلقاً- إلا الأسد- على المشهور.
وقيل بثبوت الكفّارة - وهي القيمة - في قتل ما لم يرده منها.
مسألة 206: لا بأس للمحرم أن يرمي الغراب والحدأة، ولا كفّارة لو أصابهما الرمي وقتلهما.
كفّارات الصيد
مسألة 207: في قتل النعامة بدنة، وفي قتل بقرة الوحش بقرة، وكذا في قتل حمار الوحش على الأحوط لزوماً، وفي قتل الظبي والأرنب شاة، وكذلك في الثعلب على الأحوط وجوباً.
مسألة 208: من أصاب شيئاً من الصيد فإن كان فداؤه بدنة ولم يجد ما يشتريها به فعليه إطعام ستين مسكيناً، لكل مسكين مد، فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوماً، وإن كان فداؤه بقرة ولم يجد فليطعم ثلاثين مسكيناً، فإن لم يقدر صام تسعة أيام، وإن كان فداؤه شاة ولم يجد فليطعم عشرة مساكين، فإن لم يقدر صام ثلاثة أيام.
مسألة 209: في قتل القطاة والحجّل والدرّاج ونظيرها حمل قد فطم من اللبن وأكل من الشجر، وفي العصفور والقبّرة والصعوة مدّ من الطعام على الأظهر، وفي قتل غير ما ذكر من الطيور- كالحمامة ونحوها- شاة، وفي فرخه حمل أو جدي، وحكم بيضه إذا كان فيه فرخ يتحرك حكم الفرخ، وإذا كان فيه فرخ لا يتحرك ففيه درهم، وكذا
إذا كان مجرّداً عن الفرخ على الأحوط وجوباً. وفي قتل جرادة (4) واحدة تمرة أو كفّ من الطعام، والثاني أفضل، ومع التعدّد تتعدّد الكفّارة إلا إذا كان كثيراً عرفاً فإن فيه شاة.
مسألة 210: في قتل اليربوع والقنفذ والضب جديُ، وفي قتل العظاية كف من الطعام.
مسألة 211: في قتل الزنبور- متعمداً- اطعام شيء من الطعام، وإذا كان القتل دفعاً لايذائه فلا شيء عليه.
مسألة 212: إذا أصاب المحرم الصيد في خارج الحرم فعليه الفداء، أو قيمته السوقية فيما لا تقدير لفديته، وإذا أصابه المحل في الحرم فعليه القيمة، إلا في الأسد فإن فيه كبشاً على الأظهر، وإذا أصابه المحرم في الحرم فعليه الجمع بين الكفّارتين.
مسألة 213: يجب على المحرم أن ينحرف عن الجادة إذا كان فيها الجراد، فإن لم يتمكّن فلا بأس بقتلها.
مسألة 214: لو اشترك جماعة محرمون في قتل صيد فعلى كلّ واحد منهم كفّارة مستقلة.
مسألة 215: كفّارة أكل الصيد ككفّارة الصيد نفسه، فلو صاده المحرم وأكله فعليه كفّارتان.
مسألة 216: إذا كان مع المحل صيد ودخل الحرم وجب عليه إرساله، فإن لم يرسله حتى مات لزمه الفداء، ومن أحرم ومعه صيد حرم عليه إمساكه مطلقاً كما تقدم، وإن لم يرسله حتى مات لزمه الفداء ولو كان ذلك قبل دخول الحرم على الأحوط وجوباً.
مسألة 217: لا فرق في وجوب الكفّارة في قتل الصيد وأكله بين العمد والسهو والجهل.
مسألة 218: تتكرر الكفّارة بتكرر الصيد لخطأ أو نسيان أو اضطرار أو جهل يعذر فيه، وكذلك في العمد إذا كان الصيد من المحل في الحرم، أو من المحرم مع تعدّد الإحرام، وأما إذا تكرر الصيد عمداً من المحرم في إحرام واحد فلا تجب الكفّارة بعد المرّة الأولى، بل هو ممن قال الله تعالى فيه: [وَ مَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ].
2 - مجامعة النساء
مسألة 219: يحرم على المحرم الجماع أثناء عمرة التمتّع، وكذا أثناء العمرة المفردة وأثناء الحجّ قبل الإتيان بصلاة طواف النساء.
مسألة 220: إذا جامع المتمتّع أثناء عمرته قبلا أو دبراً، عالماً عامداً (5)، فإن كان بعد الفراغ من السعي لم تفسد عمرته، ووجبت عـليه الكــفّارة، وهي على الأحوط لزوماً جزور أو بقرة، وإن كان قبل الفراغ من السعي فكفّارته كما تقدم، والأحوط وجوباً أن يتم عمرته ويأتي بالحجّ بعدها ثم يعيدهما في العام القابل.
مسألة 221: إذا جامع المحرم للحجّ امرأته قبلاً أو دبراً، عالماً عامداً، قبل الوقوف بالمزدلفة، وجبت عليه الكفّارة وإتمام الحجّ وإعادته في العام القابل، سواء كان الحجّ فرضاً أم نفلاً، وكذلك المرأة إذا كانت محرمة وعالمة بالحال ومطاوعة له على الجماع، ولو كانت المرأة مكرهة على الجماع فلا شيء عليها، وتجب على الزوج المكرِه كفّارتان.
وكفّارة الجماع بدنة (6)، ومع العجز عنها شاة، ويجب التفريق بين الرجل والمرأة في حجّتهما- بأن لا يجتمعا إلا إذا كان معهما ثالث- إلى أن يفرغا من مناسك الحجّ حتى أعمال منى ويرجعا إلى نفس المحل الذي وقع فيه الجماع، ولو رجعا من غير ذلك الطريق جاز أن يجتمعا إذا قضيا المناسك.
كما يجب التفريق بينهما أيضاً في الحجّة المعادة من حين الوصول إلى محل وقوع الجماع إلى وقت الذبح بمنى، بل الأحوط وجوباً استمرار التفريق إلى الفراغ من تمام الأعمال والرجوع إلى المكان الذي وقع فيه الجماع.
مسألة 222: إذا جامع المحرم امرأته عالماً عامداً بعد الوقوف بالمزدلفة، فإن كان ذلك قبل طواف النساء وجبت عليه الكفّارة على النحو المتقدم، ولكن لا تجب عليه الإعادة، وكذلك إذا كان جماعه قبل إتمام الشوط الرابع من طواف النساء، وأما إذا كان بعده فلا كفّارة عليه أيضا (7).
مسألة 223: من جامع امرأته عالماً (
عامداً في العمرة المفردة، وجبت عليه الكفّارة على النحو المتقدم، ولا تفسد عمرته إذا كان الجماع بعد السعي، وأما إذا كان قبله بطلت عمرته، ووجب عليه أن يقيم بمكة إلى شهر آخر ثم يخرج إلى أحد المواقيت الخمسة المعروفة ويحرم منه للعمرة المعادة، ولا يجزئه الإحرام من أدنى الحل على الأحوط وجوباً، والأحوط وجوباً له إتمام العمرة الفاسدة أيضاً.
مسألة 224: إذا جامع المحل زوجته المحرمة، فإن كانت مطاوعة وجبت عليها كفّارة بدنة، وإن كانت مكرهة فلا شيء عليها (9) ووجبت الكفّارة على زوجها على الأحوط وجوباً. بل الأحوط لزوماً أن يغرم الكفّارة عنها في الصورة الأولى أيضاً.
مسألة 225: إذا جامع المحرم امرأته جهلاً أو نسياناً صحّت عمرته وحجّه، ولا تجب عليه الكفّارة.
وهذا الحكم يجري أيضاً في المحرّمات الآتية التي توجب الكفّارة، بمعنى أن ارتكاب المحرم أي عمل منها لا يوجب الكفّارة عليه إذا كان صدوره منه ناشئاً عن جهل أو نسيان، ويستثنى من ذلك موارد:
1 - ما إذا نسي الطواف في الحجّ أو العمرة حتى رجع إلى بلاده وواقع أهله.
2 - ما إذا نسي شيئاً من السعي في عمرة التمتّع فأحل باعتقاد الفراغ منه.
3 - من أمرّ يده على رأسه أو لحيته عبثاً فسقطت شعرة أو أكثر.
4 - ما إذا ادّهن بالدهن الطيّب أو المطيّب عن جهل، ويأتي جميع ذلك في محالها.
3 - تقبيل النساء
مسألة 226: لا يجوز للمحرم تقبيل زوجته عن شهوة، فلو قبّلها كذلك وخرج منه المني فعليه كفّارة بدنة، وإذا لم يخرج منه المني فلا يبعد كفاية التكفير بشاة، وإذا قبّلها لا عن شهوة (10) وجبت عليه الكفّارة أيضاً على الأحوط وجوباً وهي شاة.
مسألة 227: إذا قبّل المحل زوجته المحرمة فالأحوط لزوماً أن يكفّر بدم شاة.
4 - مس النساء
مسألة 228: لا يجوز للمحرم أن يمسّ زوجته أو يحملها أو يضمّها إليه عن شهوة (11)، فإن فعل ذلك فأمنى أو لم يمنِ لزمه كفّارة شاة (12)، فإذا لم يكن المسّ والحمل والضمّ عن شهوة فلا شيء عليه.
5 - النظر إلى المرأة وملاعبتها
مسألة 229: لا يجوز للمحرم أن يلاعب زوجته، وإن فعل ذلك فأمنى لزمته كفّارة بدنة، ومع العجز عنها فشاة، وعليه أن يجتنب النظر إليها بشهوة إذا كان مستتبعاً للامناء، بل مطلقاً على الأحوط الأولى.
ولو نظر إليها بشهوة فأمنى وجبت عليه الكفّارة على الأحوط وجوباً وهي بدنة.
وأما إذا نظر إليها بشهوة ولم يمنِ، أو نظر إليها بغير شهوة فأمنى فلا كفّارة عليه.
مسألة 230: إذا نظر المحرم إلى غير أهله نظراً لا يحلّ له، فإن لم يمن فلا كفّارة عليه، وإن أمنى وجبت عليه الكفّارة، والأحوط وجوباً إن كان موسراً أن يكفّر ببدنة، وإن كان متوسط الحال أن يكفّر ببقرة، وأما الفقير فتجزئه الشاة على الأظهر.
مسألة 231: يجوز استمتاع المحرم من زوجته بالتحدث إليها ومجالستها (13) ونحو ذلك، وإن كان الأحوط استحباباً ترك الاستمتاع منها مطلقاً.
6 - الاستمناء
مسألة 232: الاستمناء على أقسام (14):
1 - الاستمناء بدلك العضو التناسلي باليد أو غيرها، وهو حرام مطلقاً، وحكمه في الحجّ حكم الجماع، وكذا في العمرة المفردة على الأحوط وجوباً، فلو استمنى كذلك في إحرام الحجّ قبل الوقوف بالمزدلفة وجبت عليه الكفّارة، ولزمه إتمامه وإعادته في العام القابل، ولو فعل ذلك في عمرته المفردة قبل الفراغ من السعي وجبت عليه الكفّارة، وإتمام العمرة وإعادتها في الشهر اللاحق على الأحوط وجوباًُ.
2 - الاستمناء بتقبيل الزوجة أو مسها أو ملاعبتها أو النظر إليها، وحكمه ما تقدم في المسائل السابقة.
3 - الاستمناء بالاستماع إلى حديث امرأة أو نعتها أو بالخيال أو ما شاكل ذلك، وهذا محرّم على المحرم أيضاً، ولكن الأظهر عدم ثبوت الكفّارة عليه بسببه.
7 - عقد النكاح
مسألة 233: يحرم على المحرم التزويج لنفسه، أو لغيره، سواء أكان ذلك الغير محرماً أم كان محلاً، وسواء أكان التزويج تزويج دوام أم كان تزويج انقطاع، ويفسد (15) العقد في جميع هذه الصور.
مسألة 234: إذا عُُقد لمحرم امرأة فدخل بها، فعلى كلّ من العاقد والرجل والمرأة كفّارة بدنة، إذا كانوا عالمين بالحال- حكماً وموضوعاً- وإذا كان بعضهم عالماً دون بعض فلا كفّارة على الجاهل، ولا فرق فيما ذكر بين أن يكون العاقد والمرأة محلّين أو محرمين.
مسألة 235: لا يجوز للمحرم أن يشهد عقد النكاح ويحضر وقوعه على المشهور، والأحوط الأولى أن يتجنب أداء الشهادة عليه أيضاً وإن تحملها محلاًً.
مسألة 236: الأحوط الأولى أن لا يتعرض المحرم لخطبة النساء، نعم يجوز له الرجوع إلى مطلّقته الرجعية، كما يجوز له طلاق زوجته.
8 - استعمال الطيب
مسألة 237: يحرم على المحرم استعمال الطيب شماً (16)
وأكلاً (17) وإطلاءاً وصبغاً وبخوراً، وكذلك لبس ما يكون عليه أثر منه، والمراد بالطيب (18) كلّ مادة يطيب بها البدن أو الثياب أو الطعام أو غيرها، مثل المسك والعنبر والورس والزعفران ونحوها، حتى العطور المتعارفة- كعطر الورد والياس والرازقي وما يشبهها- على الأظهر.
ويستثنى من الطيب (خلوق الكعبة) (19) وهو طيب كان يتخذ من الزعفران وغيره يطلى به الكعبة المعظمة، فلا يجب على المحرم أن يجتنب شمه وإصابته لثيابه وبدنه، وإن أصابهما لم تجب إزالته بغسل أو نحوه.
مسألة 238: يحرم على المحرم شمّ الرياحين وهي نباتات تفوح منها رائحة طيّبة وتتخذ للشمّ، سواء التي يصنع منها الطيب -كالياسمين والورد- وغيرها، ويستثنى منها بعض أقسامها البرّيّة كالشيح والقيصوم والخزامي والإذخر وأشباهها، فإنه لا بأس بشمّها على الأظهر.
وأما الفواكه والخضروات الطيّبة الرائحة- كالتفاح والسفرجل والنعناع- فيجوز للمحرم أكلها، ولكن الأحوط وجوباً الامساك عن شمّها (20) حين الأكل.
وكذلك الحال في الأدهان الطيّبة (21)، فإن الأظهر جواز أكل ما يطعم منها ولا يعد من الطيب عرفاً، ولكن الأحوط لزوماً أن يمسك عن شمّها حين الأكل.
مسألة 239: لا يجب على المحرم أن يمسك على أنفه من الرائحة الطيبة حال سعيه بين الصفا والمــــروة، إذا كـــان هناك من يبيع العطور، وعليه أن يمسك على أنفه من الرائحة الطيبة في غير هذا الحال (22)، نعم لا بأس بشمّ خلوق الكعبة على ما تقدم.
مسألة 240: إذا تعمّد المحرم أكل شيء من الطيب، أو لبس ما يكون عليه أثر منه، فعليه كفّارة شاة على الأحوط لزوما (23)، ولا كفّارة عليه في استعمال الطيب فيما عدا ذلك، وإن كان التكفير أحوط استحباباً.
مسألة 241: يحرم على المحرم أن يمسك على أنفه من الروائح الكريهة (24)، نعم لا بأس بالاسراع في المشي للتخلص منها.
9 - لبس المخيط أو ما بحكمه للرجل
مسألة 242: لا يجوز للمحرم أن يلبس ثوباً يزره ( أي يربط بعضه بالبعض الآخر بأزرار أو ما يفيد فائدتها ) أو يتدرّعه ( أي يلبسه كما يلبس الدرع بأن يخرج رأسه ويديه من الفتحات المخصصة لها ) كما لا يجوز له لبس السراويل (25) وما يشبهه في ستر العورتين كالبنطلون إلا إذا لم يكن له أزار، والأحوط لزوماً أن يجتنب لبس الثياب المتعارفة كالقميص والقباء والجبّة والسترة والثوب العربي (الدشداشة) مطلقاً وإن لم يزرها أو يتدرعها.
نعم، يجوز له في حال الاضطرار أن يطرح القميص أو ما يشبهه على عاتقه، ويلبس القباء أو نحوه مقلوباً (26) ولا يدخل يديه في يدي القباء، ولا فرق فيما ذكر كله بين أن يكون الثوب مخيطاً أو منسوجاً أو ملبداً أو غير ذلك.
ويجوز للمحرم أن يربط على وسطه محفظة نقوده وإن كانت من قسم المخيط كالهميان (27) والمنطقة، كما يجوز له التحزم بالحزام المخيط الذي يستعمله المبتلى بالفتق لمنع نزول الأمعاء في الأنثيين.
ويجوز له أيضاً أن يغطي بدنه- ما عدا الرأس- في حالة الاضطجاع أو غيره باللحاف ونحوه من أقسام المخيط (28).
مسألة 243: الأحوط وجوباً أن لا يعقد المحرم الإزار في عنقه، بل لا يعقده مطلقاً، ولو بعضه ببعض، ولا يغرزه بإبرة ونحوها، والأحوط لزوماً أن لا يعقد الرداء أيضاً، ولا بأس بغرزه بالإبرة وأمثالها (29).
مسألة 244: يجوز للمرأة لبس المخيط مطلقاً عدا القفّازين- أي الكفوف (30) - فإنه لا يجوز لها أن تلبسها في يديها.
مسألة 245: إذا لبس المحرم متعمداً شيئاً يحرم عليه لبسه، وجبت عليه كفّارة شاة حتى ولو كان مضطراً إلى ذلك على الأحوط وجوباً، ولو تعدّد اللبس تعدّدت الكفّارة، وكذا لو تعدّد الملبوس (31) - بأن جعل بعض الألبسة في بعض ولبس الجميع دفعة واحدة- مع اختلافها في الصنف، بل وكذا مع اتحادها على الأحوط لزوماً.
10 - الاكتحال
مسألة 246: الاكتحال على قسمين:
1 - أن يكون الاكتحال بالكحل الأسود، أو أي كحل آخر يعد الاكتحال به زينة عرفاً، وهذا حرام على المحرم إذا قصد به الزينة على الأظهر، بل مطلقاً على الأحوط وجوباً، نعم لا بأس بالاكتحال به في حال الاضطرار لغرض التداوي والعلاج.
2 - أن يكون الاكتحال بغير الكحل الأسود وما يعدّ مثله في التزيّن به، وهذا لا بأس به إذا لم يقصد به الزينة، وإلاّ فالأحوط لزوماً تركه، ولا كفّارة في الاكتحال مطلقاً، وإن كان الأولى التكفير بشاة إذا اكتحل بما لا يحلّ له.
11 - النظر في المرآة
مسألة 247: لا يجوز للمحرم أن ينظر في المرآة للزينة، ويجوز إذا كان لغرض آخر (32) كتضميد جرح الوجه أو استعلام وجود حاجب عليه، أو كنظر السائق فيها لرؤية ما خلفه من السيارات ونحو ذلك، وقد تلحق بالمرآة سائر الأجسام الصقيلة (33) التي تفيد فائدتها.
ويستحب لمن نظر في المرآة للزينة أن يجدّد التلبية.
وأما النظر عبر النظّارة الطبيّة فلا بأس به، نعم الأحوط وجوباً الاجتناب عن لبسها إذا عدت زينة عرفاً.
12 - لبس الخف والجورب للرجال
مسألة 248: يحرم على الرجل المحرم أن يلبس ما يغطّي تمام ظهر قدمه (34) كالجورب والخف، إلا في حال الاضطرار، كما إذا لم يتيسر له نعل أو شبهه فدعت الضرورة إلى لبس الخف، فإنه يجوز له ذلك ولكن بعد شق ظهره على الأحوط وجوباً.
ويجوز له لبس ما يستر بعض ظهر القدم، كما يجوز له ستر تمامه من دون لبس كأن يلقي طرف ردائه عليها حال الجلوس، ولا كفّارة في لبس الخف وشبهه مطلقاً.
وأما لبس الجورب وما يماثله فتجب الكفّارة فيه على المتعمد على الأحوط وجوباً، والكفّارة دم شاة.
ولا بأس بلبس الجورب والخف وغيرهما مما يغطي تمام ظهر القدم للنساء.
13 - الفسوق
مسألة 249: الفسوق- ويشمل الكذب والسب والمفاخرة المحرمة- وإن كان محرّماً في جميع الأحوال، إلا أن حرمته مؤكدة في حال الإحرام.
والمقصود بالمفاخرة: التباهي أمام الآخرين بالنسب أو المال أو الجاه وما أشبهها، وهي محرّمة إذا كانت مشتملة على إهانة المؤمن والحط من كرامته، وإلاّ فلا بأس بها ولا تحرم لا على المحرم ولا على غيره.
ولا كفّارة في الفسوق إلا الاستغفار، وإن كان الأحوط استحباباً التكفير ببقرة.
14 - الجدال
مسألة 250: يحرم الجدال على المحرم، ويختص بما كان مشتملاً على الحلف بالله تعالى في الاخبار عن ثبوت أمر أو نفيه، والأظهر عدم اعتبار أن يكون بأحد اللفظين ( بلى والله، ولا والله) بل يكفي مطلق اليمين بالله سواء كانت بلفظ الجلالة أم بغيره، وسواء كانت مصدّرة ب ( لا ) وب ( بلى ) أم لا، وسواء كانت باللغة العربية أم بغيرها من اللغات.
وأما الحلف بغير الله تعالى من المقدسات فلا أثر له فضلاً عن مثل قولهم: " لا لعمري وبلى لعمري ".
كما لا أثر للحلف بالله تعالى لغير الاخبار، كما في يمين المناشدة، كقول السائل: " أسألك بالله أن تعطيني " ويمين العقد - أي ما يقع تأكيداً لما التزم به من إيقاع أمر أو تركه في المستقبل- كقوله: " والله لأعطينك كذا ".
وهل يعتبر في تحقق الجدال في اليمين الصادقة تكرارها ثلاث مرات ولاءاً، فلا يتحقق شرعاً إذا لم تكن كذلك أم لا؟ اختار بعض الفقهاء ذلك، وهو لا يخلو عن وجه، وإن كان الأحوط استحباباً خلافه، وأما الجدال في اليمين الكاذبة فلا يعتبر فيه التعدّد بلا إشكال.
مسألة 251: يستثنى من حرمة الجدال كلّ مورد يتضرر المكلّف من تركه، كما لو كان مؤدّياً إلى ذهاب حقه.
مسألة 252: إذا حلف المجادل صادقاً ثلاث مرات ولاءاً فعليه كفّارة شاة، ولو زاد على الثلاث لم تتكرر الكفّارة.
نعم، لو كفّر بعد الثلاث أو الزائد عليها أو انقطع التتابع ثم حلف ثلاثاً فما فوقها وجبت عليه كفّارة أخرى. وإذا حلف كاذباً فعليه كفّارة شاة للمرة الواحدة، وشاتين لمرتين، وبقرة لثلاث مرات، ولو زاد على الثلاث ولم يكفّر لم تتكرر الكفّارة. ولو كفّر ثم جدّد الحلف كاذباً وجبت عليه الكفّارة على النحو المتقدم. ولو حلف كاذباً مرّتين فكفّر، ثم حلف كذلك مرّة ثالثة، وجبت عليه كفّارة شاة لا بقرة.
15- قتل هوام الجسد
مسألة 253: لا يجوز للمحرم قتل القمّل، وكذا لا يجوز له إلقاؤه من جسمه أو ثوبه على الأحوط وجوباً، ولا بأس بنقله من مكان إلى مكان آخر، وإذا قتله أو ألقاه فالأحوط الأولى التكفير عنه بكفّ من الطعام، أما البقّ والبرغوث وأمثالهما فالأحوط لزوماً عدم قتلها (35) إذا لم يكن هناك ضرر يتوجه منها على المحرم.
وأما دفعها (36) فالأظهر جوازه وإن كان الترك أحوط استحباباً.
16 - التزيّن
مسألة 254: الأحوط وجوباً أن يجتنب المحرم والمحرمة عن كلّ ما يعدّ زينة عرفاً سواء بقصد التزيّن (37) أم بدونه، ومن ذلك استعمال الحناء على الطريقة المتعارفة.
نعم، لا بأس باستعماله إذا لم يكن زينة، كما إذا كان لعلاج ونحوه، وكذلك لا بأس باستعماله قبل الإحرام وإن بقي أثره (38) إلى حين الإحرام.
مسألة 255: يجوز التختّم في حال الإحرام لا بقصد الزينة، كما إذا قصد به الاستحباب الشرعي، أو التحفظ على الخاتم من الضياع، أو إحصاء أشواط الطواف به ونحو ذلك، وأما لبسه بقصد الزينة فالأحوط لزوماً تركه.
مسألة 256: يحرم على المرأة (39) المحرمة لبس الحلي للزينة، بل الأحوط وجوباً أن تترك لبسها إن كان زينة وإن لم تقصدها، ويستثنى من ذلك ما كانت تعتاد لبسه قبل إحرامها، لكنها لا تظهره لزوجها ومحارمها من الرجال على الأحوط الأولى. ولا كفّارة في التزيّن في جميع الموارد المذكورة.
17 - الادّهان
مسألة 257: يحرم الادّهان على المحرم وإن كان مما ليست فيه رائحة طيّبة، نعم يجوز له أكل (40) الدهن الخالي من الطيب وإن كان ذا رائحة طيبة كما تقدم في المسألة 238، ويجوز للمحرم استعمال الأدهان غير الطيبة للتداوي (41)، وكذا الأدهان الطيبة أو المطيبة عند الضرورة.
مسألة 258: كفّارة الادّهان بالدهن الطيّب أو المطيّب شاة إذا كان عن علم وعمد، وإذا كان عن جهل فإطعام فقير (42) على الأحوط وجوباً في كليهما.
18 - إزالة الشعر عن البدن