موقع اكوالتي
موقع اكوالتي
موقع اكوالتي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

موقع اكوالتي

تعليم | بحوث دراسيه | نشاطات ثقافيه | تقارير علميه | ترجمة نصوص اجتماعيه | علماء | علوم | اخبار | دراسات | منوعات
 
موقع اكوالتي  الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  English  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 أزمة الفكر والسياسة في العراق

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
اداب بوك
Admin
اداب بوك


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 1367
تاريخ التسجيل : 08/07/2010

أزمة الفكر والسياسة في العراق Empty
مُساهمةموضوع: أزمة الفكر والسياسة في العراق   أزمة الفكر والسياسة في العراق Icon_minitime12011-01-11, 04:30

فوزي عبد الرحيم
السطور التالية هي الجزء الاول لبحث مطول تم تكثيفه ليكون مناسبا للنشر في صحيفة يومية، اذ نوضح في هذا الجزء طبيعة الوضع السياسي والفكري في المرحلة الراهنة على ان نقوم في الاجزاء الاخرى بشرح الوضع السياسي والفكري منذ تأسيس الدولة العراقية الى العام 2003والبحث في خلفياته لنضع القارئ امام مقارنة لابد منها ان لنهيئه بها لايضاح اسباب التغييرات الاجتماعية والسياسية والفكرية التي اوصلتنا لما نحن فيه .
يقول الكاتب الاميركي الجنسية الفلسطيني الاصل العراقي الهوى حنا بطاطو مؤلف كتاب العراق/ تاريخ الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية/ انه وبتكليف من جامعة برنستن الامريكية وفي اوائل خمسينيات القرن الماضي قرر القيام بتاليف كتاب عن اليسار في الشرق الاوسط فسافر الى مصر لاجراء مسح اولي للمادة الاولية للكتاب ثم ذهب الى العراق لذات الغرض غير انه وبعد اطلاعه على عمق وثراء واتساع التجربة السياسية في العراق قرر قصر كتابه على العراق فقط وهو ما أخذ منه اكثر من عقدين في الدراسة والبحث اطلع خلالها على وثائق لم تتح لغيره واجرى لقاءات عديدة مع مستويات مختلفة من الفاعلين السياسيين في العراق جعل من كتابه مرجعا نادرا عن الحركة السياسية العراقية وخلفياتها الاجتماعية والاقتصادية،ما ادى لنشوء علاقة خاصة بين الكاتب وموضوعه.ففي العام 1990 طلبت منه الحكومة الكويتية اصدار بيان يدين فيه (العراق) لغزوه الكويت لا سيما انه كان يشغل مقعدا في جامعة جورج تاون الاميركية ممولا من الكويت فاجاب انه ليس مع ما يفعله صدام لكنه ضعيف عندما يتعلق الامر باسم العراق، ما يجعله غير قادر على وضع توقيعه على بيان فيه ادانة للعراق. لقد اهدى بطاطو منجزه الثمين المكون من ثلاثة مجلدات الى شعب العراق كاشارة الى مدى تأثره بما عرفه من خلال اطلاعه على التجربة السياسية العراقية والاداء الفريد لعناصرها وتضحياتها الكبيرة وبخلفياتها الاجتماعية الغنية والعميقة والانسانية.في العام 1956 كان بطاطو يجري احد اول لقاءاته مع قيادي شيوعي معتقل في سجن بعقوبة فا برز للسجين كتاب توصية صادراً من وزارة المعارف العراقية يعرف بالكاتب كونه اكاديمياً امريكياً محايداً يعد كتابا عن العراق لكن السجين لم يبد أي اكتراث ما جعل مدير السجن الذي كان بمعية الكاتب يتوجه اليه بصوت عال (طلع الكتاب الثاني لان هذا مياكل عنده) وما ان نظر السجين لكتاب التوصية الثاني حتى بدا عليه الارتياح ليبدأ حوارا طويلا مع الكاتب.... كتاب التوصية ذاك كان من الزعيم الوطني كامل الجادرجي.لقد كانت تلك المقدمة ضرورية لاطلاع القارئ على التغييرات العميقة التي طرأت على المنظومة السياسية والفكرية التي كانت يوما ما مصدر الهام للكثير من الباحثين وغيرهم من المهتمين بسبب ما عرفت به من تضحيات سخية وممارسات عميقة وواسعة وخلاقة وما حفلت به من مفاهيم وقيم ومبادئ ومعايير ميزت الوطنية العراقية التي كان لها مرجعية واضحة ومحترمة وملزمة كما يتبين من رد فعل القيادي الشيوعي الذي رفض الحديث مع الكاتب لانه مرتاب فيه لكنهوبمجرد ان رأى توصية الجادرجي عدل عن رأيه رغم ان الجادرجي هو زعيم حزب سياسي مخالف لكنه في ذات الوقت يعتبر جزءا من مرجعية وطنية لعموم الحركة السياسية العراقية آنذاك وهو امر نفتقده جدا في هذه الايام ومنذ عقود.لقد مثلت ازمة تشكيل الحكومة العراقية دليلا صارخا على عمق الازمة السياسية في البلاد كما اوضح الاداء المتواضع للشخصيات والقوى السياسية التراجع الفكري الكبير الذي يميز الوضع السياسي العراقي..فالحقيقة ان ازمة تشكيل الحكومة لم تكن سوى اعراض لمرض هو الخلل في البنية الاجتماعية والسياسية وتشوهها والذي اسست عليه حقائق سياسية، وهو أمر سيؤدي دائما لانتاج الازمات السياسية...فبعد عقود من حكم تجاهل الحقائق السياسية للمجتمع العراقي واستخدام القوة لتغييرها كانت النتيجة نشوء وضع جديد يحمل في الشكل الخارجي طابع الحقائق ولكنه في الجوهر يحمل تناقضات شديدة كانت دائما بحاجة الى تداخلات جراحية من السلطة خارج الاطار الموضوعي لا سيما ان هذه السلطة نظرت دائما بريبة الى الحقائق السياسية والاجتماعية، فمحاولات تغيير الهوية والعبث بديموغرافيا المجتمع واحلال الاحادية محل مظاهر التنوع الانساني وتعبيراته السياسية والفكرية انتجت وضعا سياسيا واجتماعيا شديد الاستقطاب والسطحية والتبسيط.بعد سقوط النظام في 2003 وانهيار منظوماته الحزبية والادارية تم اطلاق عملية سياسية مؤسسة على نتائج السياسات الخاطئة والحقائق التي افرزتها، ما ساهم بتعقيد المشهد السياسي وحجب العديد من الحقائق السياسية والاجتماعية لمصلحة
مظاهر مؤقتة او غير موضوعية او مفتعلة او مفروضة، وهو ما سمح لفئات اجتماعية هي صنيعة الظروف السابقة مسلحة بالارث الانتهازي العريق في العراق ان تتصدر المشهد السياسي والسيطرة على مفاصل هامة في مستويات متعددة .
لقد كان للقمع الشديد والمتواصل آثاره الخطيرة على القوى السياسية، اذ ادى الى القضاء على تنظيماتها واضعاف امكانيات اتصالها بالجماهير ثم وبمرور الزمن ابتعادها عن الواقع الميداني العراقي وكان هذا عاملا مهما في اعطاء الفرصة للفئات المذكورة لملء الفراغ الناجم عن سقوط النظام وعدم تمكن السلطة الجديدة من ملئه لاسيما ان ظروف العمل السياسي الصعبة في حقبة البعث لم توفر أية امكانية لتكوين وتدريب الكوادر الضرورية...
كذلك كان لسياسات البعث ان انتجت وضعا جديدا في العراق يتمثل بعودة الناس الى انتماءاتها الاولية والغريزية بسبب الكلفة العالية للانتماء السياسي وهذا ما سهل من مهمة فئات كبيرة لتسيطر على الدولة بادعائها هذه الانتماءات وتكون جزءا مهما من النخب السياسية.
لقد كان للوضع الذاتي للقوى السياسية العراقية عشية 2003 ان طبع اداءها السياسي في المرحلة اللاحقة، فهشاشة كياناتها جعلها ضعيفة امام التحديات الخارجية التي تحتاج لاصطفاف جماهيري. ان طريقة الوصول للسلطة وما يسبقها من استعدادات لها اهمية حاسمة في صناعة شكل السلطة وطبيعتها وتحديد القوى المهيمنة عليها وادوارها والمصالح التي تمثلها. لقد اتسم اداء القوى السياسية بالطابع الشخصي وهو امر كان واضحا في مفاوضات تشكيل الحكومة التي افتقدت في احيان كثيرة المغزى السياسي في مواقف عديدة تجد تفسيرها في المصالح والمواقف الشخصية. ان الدور الشخصي والفردي على حساب دور الكيانات والمؤسسات والذي هو احد ملامح الوضع السياسي الراهن ساهم ومازال في تعطيل الآليات الديمقراطية واضعاف المحتوى الفكري للعملية السياسية. ان العديد من سياسيي الصف الاول وهم مأخوذون بادوارهم ومواقعهم لايستطيعون فهم العلاقة بين ذواتهم وكفاءاتهم وبين مناصبهم، فبسبب ظروف العملية السياسية فان الحصول على المراكز السياسية في الدولة او أي منظومة سياسية اخرى يعتمد على عدد من الامور الرمزية والخلفيات وليس على العطاء الفكري او الاداء العملي. ان الحديث المستمر عن صناديق الاقتراع وشرعية ما افرزته ردا على المعترضين ومنتقدي اداء القادة السياسيين يحمل الكثير من سوء الفهم وهو ماينعكس سلبا على ادائهم السياسي وفهمهم لادوارهم ,فالشرعية المنبثقة من صناديق الاقتراع امر لاجدال فيه وهي الشرعية الوحيدة للنظام السياسي الحالي ولكنها ليست مطلقة ولا مفتوحة زمنيا اذ بدون شرعية الانجاز فان شرعية الانتخابات تتآكل، فقد حدث في اماكن من العالم ان الانجاز كان كافيا لاعطاء الشرعية للحكم لتأتي صناديق الاقتراع لتكمل الشرعية باضفاء الطابع القانوني، ولنتذكر ان هتلر قد وصل للحكم عن طريق الانتخابات ولكن انجازه المتمثل في اشعال الحرب العالمية الثانية قد الغى شرعيته داخليا وخارجيا. لقد انهت ثورة 14 تموز النظام الملكي الذي كانت له شرعية بدرجة ما وحصلت هي على الشرعية التي اكتسبتها من انجازاتها الوطنية اضافة الى التأييد الشعبي ان بعض المسؤولين يقرون بشكل مباشر او غير مباشر بنقص الكفاءة مع الممارسة،وهذا التي يرون انها بسبب قلة الخبرة التي ستاتي مع الممارسة.
وهذا فهم قاصر فالخبرة رغم انها تأتي عن طريق الممارسة لكن الممارسة لاتكسب صاحبها بالضرورة الخبرة فلكي يكسب شخص او جماعة الخبرة في مجال معين فانهم يحتاجون الى بنى داخلية جاهزة لاستخلاص الخبرة من الممارسة وفق الآليات العلمية وهذه البنى غير موجودة بسبب طبيعة الكادر البشري الذي تفرزه العملية السياسية وخلفياته الفقيرة علميا وسياسيا واجتماعيا وانسانيا اذ لايمكن تصور شخص لايقرأ ولايكتب مهما بلغ من ذكاء ومهما كانت ممارسته العملية واسعة ومديدة زمنيا في احد المواضيع المتخصصة كعلم الاجتماع او الانثروبولوجيا ان يكون قادرا على عكس هذه الخبرة او البناء عليها او تقديم خلاصات علمية عنها.
السطور التالية هي الجزء الاول لبحث مطول تم تكثيفه ليكون مناسبا للنشر في صحيفة يومية، اذ نوضح في هذا الجزء طبيعة الوضع السياسي والفكري في المرحلة الراهنة على ان نقوم في الاجزاء الاخرى بشرح الوضع السياسي والفكري منذ تأسيس الدولة العراقية الى العام 2003والبحث في خلفياته لنضع القارئ امام مقارنة لابد منها ان لنهيئه بها لايضاح اسباب التغييرات الاجتماعية والسياسية والفكرية التي اوصلتنا لما نحن فيه .يقول الكاتب الاميركي الجنسية الفلسطيني الاصل العراقي الهوى حنا بطاطو مؤلف كتاب العراق/ تاريخ الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية/ انه وبتكليف من جامعة برنستن الامريكية وفي اوائل خمسينيات القرن الماضي قرر القيام بتاليف كتاب عن اليسار في الشرق الاوسط فسافر الى مصر لاجراء مسح اولي للمادة الاولية للكتاب ثم ذهب الى العراق لذات الغرض غير انه وبعد اطلاعه على عمق وثراء واتساع التجربة السياسية في العراق قرر قصر كتابه على العراق فقط وهو ما أخذ منه اكثر من عقدين في الدراسة والبحث اطلع خلالها على وثائق لم تتح لغيره واجرى لقاءات عديدة مع مستويات مختلفة من الفاعلين السياسيين في العراق جعل من كتابه مرجعا نادرا عن الحركة السياسية العراقية وخلفياتها الاجتماعية والاقتصادية،ما ادى لنشوء علاقة خاصة بين الكاتب وموضوعه.ففي العام 1990 طلبت منه الحكومة الكويتية اصدار بيان يدين فيه (العراق) لغزوه الكويت لا سيما انه كان يشغل مقعدا في جامعة جورج تاون الاميركية ممولا من الكويت فاجاب انه ليس مع ما يفعله صدام لكنه ضعيف عندما يتعلق الامر باسم العراق، ما يجعله غير قادر على وضع توقيعه على بيان فيه ادانة للعراق. لقد اهدى بطاطو منجزه الثمين المكون من ثلاثة مجلدات الى شعب العراق كاشارة الى مدى تأثره بما عرفه من خلال اطلاعه على التجربة السياسية العراقية والاداء الفريد لعناصرها وتضحياتها الكبيرة وبخلفياتها الاجتماعية الغنية والعميقة والانسانية.في العام 1956 كان بطاطو يجري احد اول لقاءاته مع قيادي شيوعي معتقل في سجن بعقوبة فا برز للسجين كتاب توصية صادراً من وزارة المعارف العراقية يعرف بالكاتب كونه اكاديمياً امريكياً محايداً يعد كتابا عن العراق لكن السجين لم يبد أي اكتراث ما جعل مدير السجن الذي كان بمعية الكاتب يتوجه اليه بصوت عال (طلع الكتاب الثاني لان هذا مياكل عنده) وما ان نظر السجين لكتاب التوصية الثاني حتى بدا عليه الارتياح ليبدأ حوارا طويلا مع الكاتب.... كتاب التوصية ذاك كان من الزعيم الوطني كامل الجادرجي.لقد كانت تلك المقدمة ضرورية لاطلاع القارئ على التغييرات العميقة التي طرأت على المنظومة السياسية والفكرية التي كانت يوما ما مصدر الهام للكثير من الباحثين وغيرهم من المهتمين بسبب ما عرفت به من تضحيات سخية وممارسات عميقة وواسعة وخلاقة وما حفلت به من مفاهيم وقيم ومبادئ ومعايير ميزت الوطنية العراقية التي كان لها مرجعية واضحة ومحترمة وملزمة كما يتبين من رد فعل القيادي الشيوعي الذي رفض الحديث مع الكاتب لانه مرتاب فيه لكنهوبمجرد ان رأى توصية الجادرجي عدل عن رأيه رغم ان الجادرجي هو زعيم حزب سياسي مخالف لكنه في ذات الوقت يعتبر جزءا من مرجعية وطنية لعموم الحركة السياسية العراقية آنذاك وهو امر نفتقده جدا في هذه الايام ومنذ عقود.لقد مثلت ازمة تشكيل الحكومة العراقية دليلا صارخا على عمق الازمة السياسية في البلاد كما اوضح الاداء المتواضع للشخصيات والقوى السياسية التراجع الفكري الكبير الذي يميز الوضع السياسي العراقي..فالحقيقة ان ازمة تشكيل الحكومة لم تكن سوى اعراض لمرض هو الخلل في البنية الاجتماعية والسياسية وتشوهها والذي اسست عليه حقائق سياسية، وهو أمر سيؤدي دائما لانتاج الازمات السياسية...فبعد عقود من حكم تجاهل الحقائق السياسية للمجتمع العراقي واستخدام القوة لتغييرها كانت النتيجة نشوء وضع جديد يحمل في الشكل الخارجي طابع الحقائق ولكنه في الجوهر يحمل تناقضات شديدة كانت دائما بحاجة الى تداخلات جراحية من السلطة خارج الاطار الموضوعي لا سيما ان هذه السلطة نظرت دائما بريبة الى الحقائق السياسية والاجتماعية، فمحاولات تغيير الهوية والعبث بديموغرافيا المجتمع واحلال الاحادية محل مظاهر التنوع الانساني وتعبيراته السياسية والفكرية انتجت وضعا سياسيا واجتماعيا شديد الاستقطاب والسطحية والتبسيط.بعد سقوط النظام في 2003 وانهيار منظوماته الحزبية والادارية تم اطلاق عملية سياسية مؤسسة على نتائج السياسات الخاطئة والحقائق التي افرزتها، ما ساهم بتعقيد المشهد السياسي وحجب العديد من الحقائق السياسية والاجتماعية لمصلحة مظاهر مؤقتة او غير موضوعية او مفتعلة او مفروضة، وهو ما سمح لفئات اجتماعية هي صنيعة الظروف السابقة مسلحة بالارث الانتهازي العريق في العراق ان تتصدر المشهد السياسي والسيطرة على مفاصل هامة في مستويات متعددة . لقد كان للقمع الشديد والمتواصل آثاره الخطيرة على القوى السياسية، اذ ادى الى القضاء على تنظيماتها واضعاف امكانيات اتصالها بالجماهير ثم وبمرور الزمن ابتعادها عن الواقع الميداني العراقي وكان هذا عاملا مهما في اعطاء الفرصة للفئات المذكورة لملء الفراغ الناجم عن سقوط النظام وعدم تمكن السلطة الجديدة من ملئه لاسيما ان ظروف العمل السياسي الصعبة في حقبة البعث لم توفر أية امكانية لتكوين وتدريب الكوادر الضرورية... كذلك كان لسياسات البعث ان انتجت وضعا جديدا في العراق يتمثل بعودة الناس الى انتماءاتها الاولية والغريزية بسبب الكلفة العالية للانتماء السياسي وهذا ما سهل من مهمة فئات كبيرة لتسيطر على الدولة بادعائها هذه الانتماءات وتكون جزءا مهما من النخب السياسية. لقد كان للوضع الذاتي للقوى السياسية العراقية عشية 2003 ان طبع اداءها السياسي في المرحلة اللاحقة، فهشاشة كياناتها جعلها ضعيفة امام التحديات الخارجية التي تحتاج لاصطفاف جماهيري. ان طريقة الوصول للسلطة وما يسبقها من استعدادات لها اهمية حاسمة في صناعة شكل السلطة وطبيعتها وتحديد القوى المهيمنة عليها وادوارها والمصالح التي تمثلها. لقد اتسم اداء القوى السياسية بالطابع الشخصي وهو امر كان واضحا في مفاوضات تشكيل الحكومة التي افتقدت في احيان كثيرة المغزى السياسي في مواقف عديدة تجد تفسيرها في المصالح والمواقف الشخصية. ان الدور الشخصي والفردي على حساب دور الكيانات والمؤسسات والذي هو احد ملامح الوضع السياسي الراهن ساهم ومازال في تعطيل الآليات الديمقراطية واضعاف المحتوى الفكري للعملية السياسية. ان العديد من سياسيي الصف الاول وهم مأخوذون بادوارهم ومواقعهم لايستطيعون فهم العلاقة بين ذواتهم وكفاءاتهم وبين مناصبهم، فبسبب ظروف العملية السياسية فان الحصول على المراكز السياسية في الدولة او أي منظومة سياسية اخرى يعتمد على عدد من الامور الرمزية والخلفيات وليس على العطاء الفكري او الاداء العملي. ان الحديث المستمر عن صناديق الاقتراع وشرعية ما افرزته ردا على المعترضين ومنتقدي اداء القادة السياسيين يحمل الكثير من سوء الفهم وهو ماينعكس سلبا على ادائهم السياسي وفهمهم لادوارهم ,فالشرعية المنبثقة من صناديق الاقتراع امر لاجدال فيه وهي الشرعية الوحيدة للنظام السياسي الحالي ولكنها ليست مطلقة ولا مفتوحة زمنيا اذ بدون شرعية الانجاز فان شرعية الانتخابات تتآكل، فقد حدث في اماكن من العالم ان الانجاز كان كافيا لاعطاء الشرعية للحكم لتأتي صناديق الاقتراع لتكمل الشرعية باضفاء الطابع القانوني، ولنتذكر ان هتلر قد وصل للحكم عن طريق الانتخابات ولكن انجازه المتمثل في اشعال الحرب العالمية الثانية قد الغى شرعيته داخليا وخارجيا. لقد انهت ثورة 14 تموز النظام الملكي الذي كانت له شرعية بدرجة ما وحصلت هي على الشرعية التي اكتسبتها من انجازاتها الوطنية اضافة الى التأييد الشعبي ان بعض المسؤولين يقرون بشكل مباشر او غير مباشر بنقص الكفاءة مع الممارسة،وهذا التي يرون انها بسبب قلة الخبرة التي ستاتي مع الممارسة. وهذا فهم قاصر فالخبرة رغم انها تأتي عن طريق الممارسة لكن الممارسة لاتكسب صاحبها بالضرورة الخبرة فلكي يكسب شخص او جماعة الخبرة في مجال معين فانهم يحتاجون الى بنى داخلية جاهزة لاستخلاص الخبرة من الممارسة وفق الآليات العلمية وهذه البنى غير موجودة بسبب طبيعة الكادر البشري الذي تفرزه العملية السياسية وخلفياته الفقيرة علميا وسياسيا واجتماعيا وانسانيا اذ لايمكن تصور شخص لايقرأ ولايكتب مهما بلغ من ذكاء ومهما كانت ممارسته العملية واسعة ومديدة زمنيا في احد المواضيع المتخصصة كعلم الاجتماع او الانثروبولوجيا ان يكون قادرا على عكس هذه الخبرة او البناء عليها او تقديم خلاصات علمية عن
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://adabbook.yoo7.com
 
أزمة الفكر والسياسة في العراق
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حصريا : بحث كامل وشامل لجمهورية العراق العربية
» تحميل كتاب الفكر اﻻجتماعي عند ابن خلدون كامل
» واقع الفقر في العراق
» المياه الجوفية في العراق
» اقليم الهضاب والتلال في العراق

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
موقع اكوالتي :: بحوث ودراسات :: منتدى الثقافي-
انتقل الى: