مشكلة الإدمان على المخدرات
إن مشكلة المخدرات مشكلة تهدد العالم بمخاطر تفوق جسامتها ما أحدثته الحرب العالمية الأولى والثانية والحروب الحديثة بل إن بعض المراقبين يؤكدون على أنها من اخطر ما واجهته البشرية على امتداد تاريخها وانتشرت هذه الظاهرة بشكل ملحوظ بين الشباب وتبدأ هذه المشكلة من العائلة فتفككها وبالتالي تؤدي إلى انحدار المجتمع وتأثيره على القيم والأخلاق .( )
ويعد الإدمان مشكلة اجتماعية ـ اقتصادية لان الفرد المدمن على استعداد لدفع إضعاف قيمة المادة المدمنة لكي يحصل عليها حيث يؤدي هذا إلى تدهور إنتاجه وفقدان عمله وضياع مصدر رزقه ومكانته الاجتماعية فهذا كله يؤدي إلى انهيار العائلة وفقدان أمنهم المادي والمعنوي.( ) وبالإضافة إلى ذلك فانه هناك عوامل اقتصادية تؤدي إلى تعاطي المخدرات كالفقر والبطالة حيث تنتشر هذه المشكلة بين الفئات الفقيرة ذات الدخول المتدنية وبين فئات الشباب الذي لم يكملوا دراستهم وبدؤوا العمل في سن مبكرة .( )
وان تعاطي المخدرات خاصة بين فئات معينة من الشباب في تزايد في جميع أنحاء العالم فقد وصل عدد المتعاطين وفق احدث تقارير الأمم المتحدة لعام(2004)إلى (185) مليون بزيادة قدرها( 5) مليون عن تقرير عام 2003 وهذه النسبة تشمل( 3%) من إجمالي سكان العالم .
أما بالنسبة لانتشار هذه الظاهرة في العراق فانه من الصعب الحصول على أرقام قياسية نستطيع أن نثق بها وذلك لعدم توفر دراسات انتشار ظاهرة المخدرات في العراق .( ) وأكدت بعض النظريات على انتشار هذه الظاهرة وفسرتها من خلال النظرية السلوكية التي تعد هذه المشكلة على إنها استجابة لبعض المنبهات وكأسلوب لتخفيف الحوافز الداخلية كالخوف والقلق .بالإضافة إلى شخصية المدمن واستعداده في التفاعل مع هذه الظاهرة وهذا ما أكدت عليه النظرية الشخصية للسمات.( ) والنظرية الاجتماعية وغيرها من هذه النظريات تحاول تفسير المخدرات بدراسة الاختلافات في القيم والاتجاهات لمختلف الأوساط الثقافية وترى هذه النظرية إن الاستجابة السلوكية على المستوى التطوعي للأهداف والمواقف يعتمد بشكل رئيسي على كيفية رؤية الأحداث وفهمها وشرحها من قبل المتعاطين.( )
وتعد مشكلة الإدمان على المخدرات واحدة من اخطر واعقد المشكلات التي تعاني منها الكثير من المجتمعات في عالمنا المعاصر .( )لكن من الصعوبة تصور الآثار الناجمة عن هذه الظاهرة والإحاطة بأبعادها الاجتماعية والاقتصادية والصحية والنفسية ومراحل التعقيدات الأخرى التي تنطوي عليها دون معرفة تأثير المخدر على الجسم الإنساني لان مثل هذه الآثار ترجع معظمها إلى أما يحدثه المخدر من تغيرات واضطرابات فسيولوجية ونفسية وعقلية تنعكس في النهاية على سلوك الفرد وإدراكه وقواه العقلية .( )
فضلا عما تقدم فقد بينت بعض الدراسات إن أغلبية عوائل المدمنين تكون مضطربة ومنهارة بسبب الطلاق والهجر والموت حيث يصابون أبناءهم بالإدمان على المخدرات.
وأثبتت دراسة (ماكورد)1960 إن حوالي (97%)من المدمنين ينتمون إلى عوائل مضطربة ويسودها العداء حيث نلاحظ إن رب العائلة الغائب عن البيت لمعظم الوقت لا يصلح كقدوة لأبنائه.( ) وقد ثبت أن حرمان الفرد من احد الأبوين خاصة الإناث وقبل سن السادسة قد يؤدي إلى الإدمان والانحراف.( )
فنلاحظ من ذلك إن المخدرات بكافة أنواعها وأسمائها تعد مشكلة اجتماعية وآفة تسيطر على كافة المجتمعات على الرغم من تحريمها .( ) حيث قامت الشريعة الإسلامية بتحريم المخدرات لدفع الضرر وحفظ المصالح فإنها تحرم كل مادة من شانها أن تحدث أضرارا وفسادا وهذا ما أكد عليه قول الرسول (صلى الله عليه وسلم)"كل مسكر حرام".( )